لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 616 - الحب
“اليوم هو يوم حظي لمقابلة سيدة جميلة مثلك هل يمكنك جعلي أكثر حظًا بقبول شرائي مشروب لكي؟”.
لمعت عيون المرأة بإبتسامة لكنها هزت رأسها بلطف في إشارة إلى عدم قبول عرضه.
لم يردع فلوريس الذي أراد أن يقول المزيد لكنه لاحظ أن تعبير المرأة قد هدأ مما دفعه إلى التراجع إلى مقعده، تناوب بين إختلاس النظرات على هيئة المرأة – التي ترتدي قميصًا بسيطًا وبنطلونًا أسودًا نحيلًا – وبين مراقبة شفتاها الحمراء الرطبة التي تلمس حافة الزجاج، إرتفعت حرارة جسد فلوريس وجف فمه كلما شرب المزيد من البيرة أصبح من الصعب عليه أن يروي عطشه، أنهت المرأة المانزان الذهبي الفاتح ووضعت الكأس على طاولة الحانة مغادرة برشاقة وسط الموسيقى الهادئة والأنيقة، إقترب فلوريس على عجل مخرجا منديل ناعم إكتسب شعبية في السنوات الأخيرة لمسح حافة كأس النبيذ أين تلامست شفتا المرأة للتو، بعد ذلك قام بطيه ثم مسح محيط الكرسي المرتفع بدقة لجمع بعض الشعرات الطويلة ذات اللون البني عن طريق المنديل، بعد إكمال هذه المهمة لاحظ أن النادل وما يقرب من 20 من العملاء الذكور من حوله وكلهم يحدقون بنظرة حكم مشتركة: “منحرف!”.
لم يكن فلوريس الضحية الوحيدة لسحر المرأة بل إمتد الأمر إلى جميع الرجال وعدد قليل من النساء في الحانة الذين شهدوا جميعا أفعاله المنحرفة، على الرغم من النظرات الإتهامية حافظ على رباطة جأشه قبل أن يغادر كأن شيئًا لم يحدث متعهدا بعدم العودة إلى هذه الحانة رغم أنه لم يشعر بأي ندم على أفعاله، في طريق العودة إلى الشقة ظل قلبه ينبض بالترقب بسبب تغذيته بالمكاسب المحتملة لذا سرع من وتيرته، عند وصوله إلى منزله أسدل الستائر مخرجا من حقيبته دفترًا قديمًا بغلاف أصفر اللون، في الداخل ظهرت ملاحظة تحتوي على مفردات معقدة لا تنتمي إلى أي لغة من لغات القارة الشمالية مصحوبة بالعديد من التعليمات بلغة الأراضي العليا، وضع المنديل الذي يحتوي على شعر المرأة ولعابها على دفتر الملاحظات قبل تلاوة الكلمات المعقدة والغريبة بنطق ملحوظ.
“نابوريديسلي…” هذه تعويذة الحب التي فهمها فلوريس.
بإستخدام الإسم الحقيقي أو تاريخ الميلاد أو العناصر ذات الصلة الوثيقة أو سوائل الجسم مثل اللحم والدم، يمكنه إدخال الوسيط في دفتر ملاحظاته وتلاوة التعويذة 7 مرات مما يجبر الهدف على الوقوع في الحب بشكل لا رجعة فيه، إنتظر بفارغ الصبر اللحظة المناسبة لينظم سقوط صلاح إبنة بيدرو حيث تعرضت للإصابة قبل أن يساعدها في الوقت المناسب، لم يحصد الإمتنان فحسب بل سهّلت له أيضًا جمع دمها مما إستوفى شروط تعويذة الحب فقد أثبت الواقع القوة الساحرة لتعويذة الحب!.
إمتنع عن إستخدامه مرة أخرى لأنه غير متأكد من كيفية تبديد آثارها فإذا لاحقته عدة نساء قبل زواجه سيعرض هذا مكانته داخل الأسرة الكبيرة للخطر، سيتم إعاقة وصوله إلى الموارد والدعم لكن اليوم الأمر مختلف لأن تلك المرأة هي الأكثر جاذبية التي قابلها على الإطلاق لذا أصبح على إستعداد لدفع أي ثمن لجعلها ملكًا له!، ظل عدم اليقين قائمًا في ذهن فلوريس حول كون المنديل والشعر المتساقط بشكل طبيعي بمثابة وسيلة لتعويذة الحب إلا أن الرغبة في إمتلاكها طغت على أي تحفظات، إرتفعت الإثارة والترقب داخله بينما يتخيل إمكانية حدوث مثل ذلك المشهد الجميل بإبتسامة لا يمكن السيطرة عليها تزين وجهه.
“نابوريديسلي…”.
واصل فلوريس ترديد تعويذة الحب بإخلاص وحماس غير عاديين حيث قلبه ينبض بالرغبة والفرح.
“نابوريديسلي!”.
بعد تكرار ذلك 7 مرات شاهد بذهول إشتعال النيران في الأنسجة والشعر مما يعكس قوس قزح قبل أن يتحول بسرعة إلى رماد.
‘نجاح… نجاح!’ لم يصدق فلوريس ذلك في البداية لكن الفرحة الغامرة ضربت قلبه فقد ظلت المفاجأة قائمة لكنه لم يهتم كثيرًا المهم هو أنه نجح!.
‘تلك المرأة الآسرة وقعت الأن في الحب معي!’ أفكار حول ما سيحدث بعد ذلك تسابقت في ذهنه.
أغلق دفتر الملاحظات على عجل وقام بقطع الملاخظة ثم إندفع نحو الباب دون أن يكلف نفسه عناء وضعها جانبًا.
إشتاق إلى السير في الشوارع واثقًا من أن الشخص الجميل يبحث عنه!.
عندما فتح فلوريس الباب رأى المرأة من الحانة واقفة بالخارج.
تراخى كيانه بأكمله تحت النظرة البلورية بلون البحيرة وتأرجح توازنه على حافة الإستسلام لأن كل ألياف كيانه تتوق إلى الخضوع، عندما دخلت المرأة عن طيب خاطر في حضن فلوريس عانقها بفارغ الصبر بين ذراعيه منحنيا لتقبيلها، ومع ذلك فإن الإحساس الذي واجهه بعيد عن الدفء والنعومة التي تخيلها بل أصيح الجو باردا وعنيدا، تحولت مفاجأة فلوريس إلى صدمة عندما أدرك أنه يحتضن مرآة يصل إرتفاعها إلى الخصر ملتصقة بصدره بينما تتمايل ذهابًا وإيابًا مقاومة محاولاته لفك الإرتباط، أظهر فلوريس خوف غير طبيعي حيث رفضت الأحاسيس المتبقية من تخيلاته السابقة أن تتبدد أين تجمد قلبه رغم إحتراق جسده، بخوف متزايد ضرب المرآة بقوة قبل التراجع ثم وجه ضرب حاسمة محطما المرآة لتحدث تصدعا مدويًا، تحطمت المرآة إلى شظايا لا تعد ولا تحصى مخترقة ملابسه وصدره وبطنه وذراعيه، إجتاح الألم جسده محرقا حواسه وقطع العصب المتهالك الذي بالفعل على حافة الهاوية في تلك اللحظة ذاق نشوة لا مثيل لها.
إنهار فلوريس على الأرض مستلقيا بلا حراك عالقًا بين الخوف والشوق والألم والنشوة.
…
“يمكن أن يساعد حقًا في هضم جرعة المتعة…” نقرت فرانكا بلسانها مراقبة المشهد الذي يتكشف في مرآة الشقة المقابلة لغرفة فلوريس بشكل قطري.
بفضل خبرتها يمكن إعتبار المشهد الذي أمامها أمرًا جديدًا.
“أكدت لك أنني لن أخدعك” رد لوميان الذي يرتدي قبعة قش ذهبية بإبتسامة.
عند قبول العمولة وتحديد مشكلة فلوريس الأساسية – المتمثلة في إكتساب مودة الشديدة من فتاة مذهلة لسبب غير مفهوم – غريزته الأولية هي إرسال شيطانة لإختبار هذا الفرد، لعاب وشعر فرانكا جزء من التحقيق بعد كل شيء من المرجح أن الغوامض لعبت دورا، بطبيعة الحال ولأجل إحتياطات السلامة قامت بمعالجة اللعاب والشعر مسبقًا، إستخدمت إستبدال المرآة كونه سحر مظلم للساحرات يرتبط بهم بدقة وقد إتضح أن النتائج رائعة.
فقد أخضعته لعذاب المتعة وعرّضته لعذاب مطاردة الرضا العابر!.
“بسبب فضوله تمكن فلوريس من الإستيلاء على عاطفة مرآتي من خلال تعويذة من كلمة واحدة فقط بدون طقوس أو دعاء لأي كيان” فكرت فرانكا بعاطفة “حتى أنا لا أستطيع تحقيق ذلك”.
ضحك لوميان ردًا على ذلك قائلاً “يمكنك ذلك لا حاجة إلى تعويذة أو وسيلة فقط أطلقي العنان لسحرك”.
“…” فوجئت فرانكا “بدأت تشبه الإنتيسيين أم أن هذا نتيجة لتعليم فينابوتر الخاص بك؟” عضت شفتيها.
“هناك مسألة أخرى” رد لوميان “كلف بيدرو سابقًا إثنين من المغامرين بالتحقيق مع فلوريس لكنهما إختفيا رغم أن هذا الزميل يفتقر إلى قوى التجاوز”.
“هذا أمر مثير للاهتمام…” إبتسمت فرانكا فجأة “إذا فشل إستبدال المرآة ووقعت في حب فلوريس تحت تأثير هذه التعويذة فماذا ستفعل؟”.
أطلق لوميان ضحكة ناعمة “إن جعل شخص ما يختفي دون أن يترك أثر أمر بسيط لا أحتاج حتى إلى رفع إصبعي”.
ظل واثقًا من قدرة لودفيغ على إستهلاك فلوريس بالكامل مع إضافة العرافة المضادة إلى ذلك لذا بدون إنتظار رد فرانكا توجه نحو الباب.
“سأقوم بزيارة هذا الزميل كوني يقظة لأي تطورات وإحذري من الحوادث المؤسفة”.
“فهمت” أجابت فرانكا بتعبير جدي.
نظرًا لأن فلوريس لم يتمكن من إغلاق الباب في الوقت المناسب فقد وجد لوميان أن المدخل يمكن الوصول إليه دون الحاجة إلى فتحه.
بعد أن شعر فلوريس بالتطفل خرج من ذهوله ونهض بسرعة واقفا على قدميه.
عند هذه النقطة إلتقط لوميان دفتر الملاحظات بالفعل وفتحه على الصفحتين اللتين تعرضان الملاحظة السابقة.
“ماذا تفعل؟” سأل فلوريس والرعب محفور على وجهه ‘لويس بيري؟ المغامر العظيم لويس بيري؟’ تعرف على لوميان على الفور “هل إستأجرك بيدرو للتحقيق معي؟”.
متجاهلاً الإستفسار سار لوميان نحو النافذة مستنشقا بعض الهواء النقي “إن تعويذة الحب يمكن أن تجعل المرأة تقع في حبك كل ما تحتاجه هو الحصول على إسمها الحقيقي…” بدأ لوميان في قراءة الورقة أمام فلوريس “نطق التعويذة هو…” توقف فجأة دون أن يكمل التلاوة.
تحول وجه فلوريس بالفعل إلى اللون الأبيض الرمادي المريض كما لو أنه يستطيع التنبؤ بالزوال الوشيك لسمعته وقبض الكنيسة عليه.
“من أين جاء هذا؟” أشار لوميان إلى الملاحظة والدفتر القديم.
إندلع عرق بارد على جبين فلوريس وتحولت عيناه تدريجياً إلى الشراسة لذا فجأة صرخ بنبرة خشنة ومربكة: «نابوريديسلي!».
هذه المرة لم يكن هناك هدف أو وسيلة مقابلة.
في الوقت نفسه تقريبًا شعر لوميان بأن البيئة المحيطة به تصمت بينما غطت هالة مشؤومة الغرفة بسرعة.
–+–