لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 132 - العقرب الأسود
كراااش!
بالكاد نجح مارغو في تفادي الضربة القاتلة المندفعة نحوه، ولكن بفعل ذلك، فشل في تحريك مسدسه بالتزامن مع حركة لوميان السريعة. أصابت الرصاصة الجدار المقابل، مما أدى إلى تطاير شظايا الحجر. مع قرقعة معدنية، تجاوز الزئبق الساقط مارغو مرةً أخرى وهبط على مسافة ليست ببعيدة على الأرض.
استقام لوميان وداس قدمه اليمنى بسرعة على مشط رِجل العدو لمنعه من رفع ركبته وضربها في بطنه.
في غمضة عين، كاد لوميان أن يلتصق بخصمه. إما أن يجرح أو ضرب بكلتا يديه، أو إستعد وصد بمرفقيه. قدمت قدميه ركلات منخفضة أو داست للأسفل، وركبتيه قفزت إلى الأمام أو الجانب. إنشغل مارغو للغاية بصد هذه الهجمات ليستطيع التصويب وإطلاق النار.
شعر السفاح وكأنه وقع في عاصفة لا هوادة فيها من ضربات خصمه. علاوة على ذلك، ظل لوميان قريبًا، مستخدمًا تقنيات القتال القريب لمنعه من التراجع واستخدام مسدسه.
بالنسبة لمارغو، كان أسلوب القتال هذا غريبًا وخطيرًا.
كرراش!
اصطدم مرفق مارغو بالحائط، مما تسبب في ارتعاش المنزل.
وااك!
إلتوى معصم مارغو الأيمن، وانزلق المسدس الأسود من قبضته، مقعقعا على الأرض.
وااام! وااام! وااام! أطلق لوميان وابلًا من الأيدي، المرافق، الركاب والأقدام، مما أجبر العدو على التراجع مرارًا وتكرارًا.
في النهاية، لم يستطع مارغو إلا أن يصد بشكل غريزي، لأن أفكاره أصبحت غير قادرة على مواكبة حركات لوميان السريعة.
ومع ذلك، فقد شعر أنه قد فك شيفرة نمط هجمات خصمه بالفعل وتوقع التسلسل الذي سيتبع تاليا. إستطاع الدفاع ضد كل الهجمات بذاكرة عضلاته وحدها. في غضون لحظة، سيشن هجومًا مضادًا!
بشكل غريزي، رفع مارغو قدمه اليمنى لصد الركلة المنخفضة القادمة.
لكنه لم يلتقِ بشيء.
امتدت قدم لوميان اليسرى قطريًا، متحدية حدود المرونة البشرية بفعل ذلك. قام برفع الديرك الأسود البيوتري الذي رقد بجانبه بصمت.
لقد هاجم مارغو لإجباره على الاقتراب من الزئبق الساقط.
ارتفع الديرك الأسود البيوتري وطعن فخذ مارغو.
وجد مارغو نفسه مقيدًا من قبل لوميان بينما توازن بشكل غير مستقر على قدم واحدة. لم يكن يمتلك الكثير من الإمكانيات ماعدا إرجاع قدمه اليمنى ولي جسده قليلاً للتفادي.
خدش الزئبق الساقط فخذه ومزق سرواله الأبيض الحليبي، تاركًا أثرًا ضحلة من الدم.
وااام! وااام! وااام! تقدم لوميان لهجوم مرة أخرى بتقنيات القتال القريبة التي علمتها إياها أورور، مما ضغط على مارغو حتى لم يمتلك أي وقت للتعامل مع إصابات ساقه.
لحسن الحظ، كان الجرح سطحيًا ولم ينزف إلا قليلاً.
كراااش!
اصطدم ظهر مارغو بالجدار.
طوال اللقاء، لم تتح له الفرصة حتى للتحدث. الطرف الآخر لا يزال يسد أذنيه، غير خائف من أي استفزاز.
غلى دم مارغو، لكن ذلك لم يؤدي إلا إلى زيادة إصراره. لقد خطط لاستبدال إصابة بأفضلية والهروب من مأزقه الحالي.
في تلك اللحظة، لم تقابل ذراعيه المرفوعتين شيئًا.
راقب في ارتباك وصدمة بينما تراجع الرجل الغريب ذو الضمادات البيضاء على وجهه طواعيةً وخلق مسافة. ثم استدار الرجل الغامض وركض بعيدًا. بينما ركض، نقر الديرك الأسود البيوتري بأصابعه وأمسكه بيده اليسرى.
صُدم مارغو للحظات، كان على وشك المطاردة عندما ترددت خطى من الزقاق.
سامعين الطلقات النارية، انطلق ضابطا شرطة في دورية بمسدسات سوداء نصف آلية، كان السكان المجاورون الذين ‘نزلوا’ بسبب الحريق قد نبهوهم.
“ما الذي حدث؟ ما الذي تنوي عصابة الأبواغ السامة خاصتك فعله مرةً أخرى؟” سأل أحد رجال الشرطة بعبوس، متعرفا على وجه مارغو.
ألقى مارغو نظرة مزدرأة على الضابطين في القمصان البيضاء، الصدريات السوداء والمعاطف السوداء، وقال، “لقد تعرضت للهجوم. أيها الضباط، أنتم متأخرين جدا!”
على الرغم من أنه قال ذلك، فقد شعر بالارتياح سرًا لأن الشرطة لم تصل لاحقًا ولقد أخافوا الرجل الغامض. وإلا، لتم تعقبه وصيده.
فبعد كل شيء، كان الرجل الغريب على الأرجح بالتسلسل 8 المستفز. علاوة على ذلك، تقنياته القتالية قد تفوقت بشكل واضح على تقنيات مارغو، وسمح له مكره بالحصول على اليد العليا.
أظلم وجه الشرطي.
“إذا إتبعني للإدلاء ببيان. سنساعدك في العثور على المعتدي. أيضا، أذلك مسدسك؟”
وأشار إلى المسدس الذي سقط على الأرض.
سخر مارغو. “اعتمد عليكم للعثور عليه؟ هاها، تلك أطرف نكتة سمعتها هذا العام! ذلك السلاح يخص المعتدي. خذه بعيدا.”
وبذلك، قام بفحص جرحه لفترة وجيزة للتأكد من أنه لم يُصاب بالتسمم.
ثم خرج من الزقاق أمام ضابطي الشرطة.
إرتدى الضابط الذي تحدث أولا تعبيرا قبيحا. حاول سحب مسدسه، لكن شريكه رفع يده.
عائدا إلى شارع العندليب، أنقبض وجه مارغو.
تمثلت غريزته الأولى في الإسراع للمنزل والاعتماد على الفخاخ التي كان قد نصبها للحماية من موجة ثانية من الهجمات.
لكن بعد ثوانٍ قليلة، رفض مارغو الفكرة، وشعر أنها غير كافية.
قرر الذهاب إلى منزل روجر ‘العقرب الأسود’، رئيس عصابة الأبواغ السامة، وإبلاغه بالهجوم. سيبقى هناك طوال الليل.
كان ذلك هو المكان الأكثر أمانًا لمارغو.
ضمد مارغو الجرح في ساقه اليمنى وانطلق من شارع العندليب إلى طريق السوق، أخذ طريقه إلى قاطرة سوهيت البخارية، ووصل أخيرًا إلى الوحدة 126، مبنى من ثلاثة طوابق مع حديقة صغيرة في الخلف.
قبل فترة ليس بطويلة، واجه روجر، العقرب الأسود، في الدراسة.
رجل في منتصف العمر بشعر أسود ثابت، تم تزيين وجه روجر الممتلئ قليلاً بعيون زرقاء باردة وعميقة.
نظر روجر، الذي إرتدى بيجاما حريرية زرقاء مائية، إلى مارغو بتعبير فارغ. “لقد تعرضت للهجوم؟”
“نعم.” روى مارغو الأحداث التي وقعت.
أصبحت عيون روجر الزرقاء داكنة فجأة، كما لو أنها قد إتصلت بهوية لا نهاية لها أو بجحيم مشتعل إلى الأبد.
بعد لحظة، أومأ برأسه.
“لا توجد علامات تدل على أنك قد لعنت. ولكن عليك ان تكون حذرا. دمك على تلك السكين”.
عندما تحدث روجر، اقترب من مارغو.
“سأساعدك في القضاء على أي مخاطر خفية أولاً.”
تنهد مارغو بإرتياح. “شكرا لك يا رئيس.”
تبع روجر خارج غرفة الدراسة ونزل السلم إلى الطابق السفلي.
مع قلبه للمفتاح وإضاءة مصباح حائط الغاز، أشار روجر إلى التمثال في المنتصف وأمر، “افتحه وإزحف إلى الداخل”.
صور التمثال امرأة ذات ملامح وجه لطيفة، وطيات ثوبها الطويل منقوشة بشكل واضح ونابض بالحياة.
سار مارغو نحو التمثال، فتح الباب المخفي من بطنه، وصعد إليه.
عندما أُغلق الباب المخفي، ساد صمت مخيف القبو.
حدق :العقرب الأسود’ روجر في التمثال وردد كلمة في هيرميس القديمة.
“حياة جديدة!”
اندلعت ألسنة لهب سوداء غير واضحة من سطح التمثال، تتدفق كالماء وتحترق في صمت. بعد ثلاثين ثانية، قال روجر لمارغو، “يمكنك الخروج الآن.”
كان هذا الطقس طريقة للتخلص من الأخطار الخفية للعنات. دخول بطن التمثال الأنثوي ومعودة ابظهور، قد رمز إلى ‘ولادة جديدة’. إلى جانب قوى التجاوز المقابلة، يمكنه قطع أي اتصال بالأغراض التي وقعت في أيدي العدو.
“انتظرني في المكتب. سأبحث عن أدلة حول المعتدي،” أعطى روجر تعليمات بعد التأكد من أن مارغو لم يصب بأذى.
أومأت مارغو برأسها وسارع للخروج من الطابق السفلي وإلى الككتب. رفع كرسيًا واستقر عليه.
مع مرور الوقت، شعر مارغو فجأة بجسده يصبح ثقيلًا بشكل لا يطاق، كما لو أنه قد غمر في ماء جليدي.
نما تنفسه أصعب.
اتسعت حدقتا عيون مارغو، لكنه لم ير شيئًا.
حارب بكل قوته، كما لو أنه قد كان مقيد بحبال غير مرئية. بالكاد إستطاع تحريك ذراعيه وأصابعه وقدميه.
جلجل!
انهار مارغو أخيرًا على الأرض، لكن الإحساس الغريب استمر. تحول وجهه إلى لون أرجواني غير طبيعي، وتدلى فمه مفتوحا. نمت أفكاره ضبابية بشكل متزايد.
‘لماذا…’ مع ذلك السؤال في ذهنه، استسلم مارغو للظلام الزاحف.
عند باب القبو، خرج روجر بتعبير جاد.
‘لديه قدرات قوية ضد التكهن…’
‘هذا الأمر ليس بالسهل…’
فكر روجر العقرب الأسود بينما عاد إلى المكتب.
في الثانية التالية، تجمدت نظرته. اكتشف مارغو ممددًا على الأرض، وجهه أرجواني وجسمه السفلي مبلل. لم يعد يتنفس.
بعد أن أجرى زعيم عصابة الأبواغ السامة طقسًا للقضاء على أي مخاطر متعلقة للعنة، لقي حتفه بشكل غامض في أكثر مكان أمان في عصابة الأبواغ السامة- مباشرةً أمام روجر العقرب الأسود.
…
نزل الديك الذهبي، الغرفة 207. أومأ لوميان، الذي أرتدى ملابس جديدة الآن، بارتياح.
أخبره الزئبق الساقط من خلال اهتزازاته أن تبادل القدر قد اكتمل.
عنى ذلك أن مارغو سيتعرض للاعتداء على الفور من قبل شبح المونتسوريس. استغرق إكمال تبادل القدر بعد طعن شخص ما وقتًا يتراوح بين خمس وثلاثين دقيقة، اعتمادًا على القدر المطلوب، قوة الفرد، ومقاومته اللاواعية. لو أن لوميان هو الهدف وفتح عقله وجسده بشغف، يمكن تحقيق تبادل القدر بسرعة- في غضون ثوانٍ أو حتى أقل من عشرين.
ابتسم لوميان وهو يحدق في الديرك الأسود في يده.
“عندما أمتلك الوقت، سأعلمك شفرة موريس. وإلا، في كل مرة تواصلنا فيها، يجب أن أقوم بتضييق الخيارات باستمرار بناءً على ملاحظاتك. إنه أمر شاق للغاية”.
توقف نصل الزئبق الساقط المرتعش، كما لو أنه قد صدم.
لوميان، منتصر بعد عملية صيد ناجحة، أحس أنه في حالة معنوية عالية. سخر بابتسامة، “أتتساءل لماذا يجب أن تتعلم، حتى لو كشفرة؟ الطموح أمر بالغ الأهمية. الشيء نفسه ينطبق على كونك شفرة. أتريد أن تبقى هكذا إلى الأبد؟”
ثم سأل، “ما هو القدر الذي قمت بمبادلته هذه المرة؟”
وسع لوميان إحساسه الروحي إلى الديرك المزخرف الأسود البيوتري.
بمساعدة الزئبق الساقط، قام تدريجياً بفك رموز قطرات القدر المخزنة داخل السلاح.
لقد مثل قدر مارغو بتلقي أكوام من النقود من مختلف أتباعه. “لديك موهبة في اختيار الأقدار.” كان لوميان مشغول بالقتال وكان قد فوض تبادل القدر إلى الزئبق الساقط.
لقد أبلغه مسبقًا أنه بالحاجة إلى المال فقط.
بعد مدح الزئبق الساقط، شعر لوميان بالإرتباك.
‘كيف سيتجسد هذا القدر بعد التبادل؟’