لعنة التناسخ - 41.1 - آكرون (1)
الفصل 41.1: آكرون (1)
وصلتْ الشائعاتُ المُتَعلِقةُ بالمُختبرِ 11 في الطابُقِ السُفلي مِن بُرجِ السحرِ الأحمرِ إلى هيرا، ممّا جعلها تُميلُ رأسَها بفضول.
لقد تمَ إستخدامُ المُختبرِ 11 بشكلٍ حصريٍّ تقريبًا مِن قبلِ يوجين، لكِنَ الشائعاتِ حولَ أصواتِ الإنفجاراتِ والإهتزازاتِ المُستمِرةِ القادِمةِ مِن هُناك قد إنتَشَرَتْ منذُ بضعةِ أيام.
ولم تتمكن من زيارةِ مُختَبَرِ يوجين مُنذُ زيارتِها الأخيرةِ بسببِ هذا. ومعَ ذلِك، وبفضلِ أمرٍ مِن سيدِ البُرج، وإلى جانبِ هذهِ الشائِعات، لم تعُد هيرا قادِرةً على البقاء في مُختَبَرِها الخاص.
كثيرًا ما يواجِهُ السحرةُ الشبابُ مشاكِلًا. فَـعِندَما يبدأ شخصٌ ما في مُمارسةِ السحرِ لأولِ مرة، يُمكِنُ أن ينشغِلَ بتكرارِ تجارُبٍ مُعينةٍ بسببِ الحماسِ المُفرِطِ إلى أنْ ينتهيَّ بهِ الأمرُ بإصابةِ نفسِهِ على الرُغمِ مِن موهبَتِهِ العظيمة.
ولم تُرِد هيرا أن يُعاني هذا الصبيُّ الوحشيُّ بموهبتِهِ الفائِضةِ مِن إصابةٍ لا داعيَّ لها بسببِ الإستخدامِ المُفرِطِ للسِحر.
“السير يوجين؟” نادتْ هيرا.
غالبًا ما تكونُ الشائِعاتُ مُبالغًا فيها إلى حدٍ كبير. بَدَتْ مُختبراتُ الطابُقِ السُفليِّ هادِئةً كالمُعتاد، مع عدمِ وجودِ علاماتٍ على إنفجاراتٍ أو إهتزازاتٍ عندما وَصَلَتْ هيرا. لذا وبعدَ أنْ شَعَرَتْ بالإرتياحِ بسببِ هذا، طرقتْ هيرا على بابِ المُختبر 11.
“هل أنتَ في—”
قبلَ أنْ تتمكنَ حتى مِن إنهاء سؤالِها، صدى صوتُ دويٍّ عال.
كووونغ!
جنبًا إلى جنبٍ مع هذا الضجيجِ العالي، بدأ بابُ المُختَبرِ 11 في الإهتزاز. مذهولةٌ، سَحَبَتْ هيرا عصاها على الفورِ ووَضَعَتها أمامها قبلَ أنْ تفتَحَ البابَ دونَ أيِّ تردُدٍ آخر.
“الـ-السير يوجين! هل أنتَ بخيـ—”
مرةً أُخرى، لم تستَطِع إنهاء كلامِها. سقطَ فكُ هيرا بسببِ المشهِدَ الذي رأتهُ.
الأرضيةُ مُغطاةٌ بشقوقٍ دقيقة، مع عدمِ وجودِ بُقعةٍ سليمةٍ على ما يبدو. ورأتْ يوجين يتمايلُ في ضبابِ الطاقةِ السحريةِ الكثيف. يبدو المكانُ بالتأكيدِ مكانًا وقعَ فيهِ حادِث. بعبوس، أرجحتْ هيرا عصاها.
فووش!
تبدَدَ ضبابُ الطاقةِ السحريةِ المُتصاعِدِ على الفور.
“السيد….يوجيييين….”
مرةً أخرى، لم تَتَمكَن من إنهاء كلامِها. هذهِ المرة، توقَفَتْ كَلِماتُ هيرا عندما خفضت عصاها. أُجبِرَتْ هيرا على إبتلاعِ لُعابِها.
“فيوو”، تنهدَ يوجين وهو يَهِزُ رأسَهُ ويمسَحُ العرقَ الذي غطى جَسَدَه.
واقِفًا في وسطِ المُختبر، يوجين يرتدي فقط بِنطالًا مُريحًا. بعبارةٍ أُخرى، هذا يعني أنَّ الجُزء العلويَّ مِن جسمِ يوجين، الذي يلمَعُ بالعرق، يُمكِنُ رؤيتُهُ بوضوح.
‘سبعةُ عشرَ عامًا لديهِ جسدٌ كهذا؟’ تساءلتْ هيرا بصدمة.
إبتلعتْ لُعابها مرةً أُخرى، ثُمَ حولتْ هيرا نظرَتَها بِبُطءٍ إلى الجانِب. ولكِن قبلَ أنْ تفعلَ ذلِك، ألقتْ نظرةً أُخرى بمهارةٍ على جسدِ يوجين. على الرُغم مِن أنَّ هذا لا يشملُ جميعَ السحرة، إلا أنَّ مُعظَمَهُم لديهُم بُنيةٌ ضعيفة. بما أنَّهُم يَقضونَ مُعظمَ عملِهِم جالِسينَ يبحثون، دونَ التحرُكِ أو التَعَرُق، لهذا تصيرُ أطرافُهُم أرقَّ مِنَ المُعتاد وحتى أنَّ بطونَهُم تَتَضخَمُ للخارِج.
على الأقلِ في بُرجِ السحرِ الأحمر، لا يوجدُ ساحِرٌ واحِدٌ بجسمٍ محفورٍ مِثلَ يوجين. وعلى الرُغمِ مِن أنَّ لوفليان يعتني بنفسِهِ بإنتظام، إلا أنَّ عضلاتَهُ ليستْ مصقولةً مِثلَ عضلاتِ يوجين.
عَدَّتْ هيرا بصمت، ‘واحِد، إثنان، ثلاثة…سـ-ستة.’
هذه هي المرةُ الأولى التي ترى فيها عضلاتَ البطنِ الستةِ في الحقيقة. إبتَلَعتْ هيرا مرةً أُخرى لُعابَها قبلَ إتخاذِ بضعِ خطواتٍ للوراء. بعدَ ذلِك، وعندما أدركتْ خطأها، إرتجَفَتْ بتفاجُئ ونظرتْ إلى يوجين مرةً أُخرى.
لقد فعلتْ هذا فقط لإلقاء نظرةٍ أُخرى على الجُزء العلوي العاري مِن جسدِ يوجين.
ثُمَ قالتْ بتَلَعثُم، “أنا آسِفةٌ جدًا. كانَ يجبُ أنْ أنتظِرَ رَدَكَ قبلَ الدخول، ولكِنَني سَمِعتُ ضوضاءً عاليةً، لذلِكَ أنا….”
أجابَ يوجين بتعبيرٍ غيرِ مُبال: “لا بأس”.
دعا السيلف الذينَ يرقصونَ فرحًا في الهواء مِن حولِه، وجعلَهُم يَمسَحونَ قطراتِ العرقِ مِن على جسدِه.
ثُمَ قال يوجين: “كُنتُ سأرُد، لكِنَني أردتُ إنهاء ما أفعلُهُ أولًا.”
“ماذا تفعل….هـ-هل لي أنْ أسألَ ما كانَ ذلِكَ بالضبط؟” سألتْ هيرا بعدَ أنْ هدَأتْ أفكارَها المُتذبذِبة.
لقد إعتقَدتْ أنَّهُ رُبما كانَ يُمارِسُ سِحرَ الإستدعاء، ولكِن، بعدَ النظرِ إلى داخلِ المُختَبَر، لم يبدُ الأمرُ كذلِك.
لاحظتْ هيرا، ‘أنا لا أرى أيَّ دوائرٍ سحرية…ولكِن ما هذا؟’
جزءٌ مِن معدنٍ غيرِ معروفٍ وجدتهُ مُلقًى في وسطِ المُختبر. لقد تَصَدَعتْ الأرضيةُ المُحيطةُ وإنقلبت، لكِنَ المنطقةَ الواقِعةَ أسفلَ الشظيةِ بدتْ سليمةً دونَ أي آثارٍ للضرر.
“كنتُ أُدرِبُ طاقتي السحرية.” أجابَ يوجين بتجاهُل: “وقد دَمَجتُ ذلِك أيضًا معَ بعضِ المُمارساتِ السحرية”.
لقد مرَّ أسبوعٌ منذُ الحادثِ الذي وقعَ في شارعِ بوليرو. وقد قضى يوجين مُعظمَ أيامِهِ داخِلَ هذا المُختَبَر. هذا لتدريبِ سحرِهِ وطاقتِهِ السحرية بإستخدامِ القُطعةِ مِن سيفِ المون لايت كهدف.
لكِن، لم يحصل على أيِّ نتائجٍ مُرضية للغاية. فَـحتى شُعاعُ السيفِ الذي خلقَهُ مِن خلالِ حشدِ كُلِ إرادتِهِ يتبدَدُ بمُجردِ أن يقتَرِبَ مِنَ الشظية. وينطبقُ الشيءُ نفسُهُ على السِحر، وحتى السيلف الذينَ يستدعيهُم لن يقترِبوا من قطعةِ سيفِ المون لايت. وعندما حاولَ أن يأمُرَهُم بالقوةِ للقيامِ بذلِك، تمَ نفيُهُم إلى عالمِ الروحِ بمُجردِ إقترابِهِم منها.
ومع ذلك، ليسَ الأمرُ كما لو أنَّهُ لم يحصَل على أيِّ نتائجٍ على الإطلاق. فَـفي البداية، كانَتْ تعويذاتُهُ تَتَفكَكُ قبلَ أنْ تنفجِر، ولكِن، الآن مِنَ المُمكِنِ له التَمَسُكُ بصعوبةٍ بالطاقةِ السحريةِ المُتناثِرةِ والتَسَبُبُ في اإفجارٍ في مُحيطِ الشظية.
هذا يعني أنَّ تَحَكُمَهُ بطاقتِهِ السحريةِ يزدادُ قوةً.
“تدريبٌ سحري…؟” سألتْ هيرا بفضول.
“مِثلَ هذا”، أظهر يوجين.
بدلًا من شرحِ الأشياء خطوةً بخطوة، ألقى يوجين تعويذةً على الفور. خلالَ الأسبوعِ الماضي، التعويذات التي إستخدَمَها أكثرَ من غيرِها هي الصاروخُ السحريُّ والكُرةُ الناريةُ مِن الدائرةِ الأولى. إرتجفتْ عيون هيرا بسببِ السُرعةِ التي ألقى بها هذهِ التعاويذ.
‘لقد أصبحَ أسرع’ أدركتْ ذلِك.
على الرُغمِ مِنَ أنَّ يوجين كانَ بالفعلِ سريعًا بشكلٍ لا يُصدَقُ في المرةِ الماضيةِ التي رأتهُ فيها عندما ألقى تِلكَ التعاويذِ لأولِ مرة، إلا أنَّ سُرعَتَهُ الحاليةَ هي أسرعُ بكثيرٍ مِن ذلِكَ الوقت. للوهلةِ الأولى، سُرعَتُه كافيةٌ لجعلِها يشعُرُ وكأنَهُ قد إستخدمَ لُفافةً سحريةً بدلًا مِن ذلِك.
‘ولكن هذهِ ليستْ لُفافة. الآنَ فقط، لقد قامَ حقًا بتفعيلِ طاقتِهِ السحرية…ومعها مُباشرةً إستخدامَ الجواهِرَ كما لو إنَّها دوائر؟’ سألتْ هيرا نفسَها بصدمة.
لم يعُد غيابُ ذكرِ تراتيلِ التعويذةِ مُفاجأةً بالنسبةِ لها. وعلى الرُغم مِن إزديادِ سُرعةِ إلقاءه، فهذا ليسَ الشيء الوحيدَ الغريب في تعاويذِ يوجين. إنتَبَهتْ هيرا بدقةٍ إلى هيكلِ الطاقةِ السحريةِ الذي يُكَوِنُ تعويذةَ يوجين.
بدا الهيكلُ دقيقًا ومُتَطَوِرًا لدرجةِ أنَّهُ مِنَ الصعبِ التصديقُ أنَّ هذا تم إنشاؤهُ بواسطةِ مهاراتِ يوجين في السحر. فَـتَماسُكُ الطاقةِ السحريةِ بدا قويًا بشكلٍ لا يُصدَق، لدرجةِ أنَّهُ سيكونُ مِنَ الصعبِ العثورُ على تعويذةِ تبديدٍ سحريةٍ قادِرةٍ على تحطيمِ هيكلِه. لا أحدَ سيُصَدِقُ أنَّ هذا مُجردُ صاروخٍ سحريٍّ مِن الدائرةِ الأولى وكُرةٌ نارية.
“…هل تَتَدربُ على تقنياتِ المُبارزةِ السحرية؟” سألتْ هيرا بتَرَدُد.
حقيقةُ أنَّ تعاويذَهُ من الصَعبِ تبديدُها تعني أنَّ يوجين سيكونُ لهُ ميزةٌ في المُبارزةِ السحرية. نظرًا لأنَّ هذا من شأنِهِ أيضًا تضخيمُ قوةِ تعاويذِه، فسيكونُ يوجين الحاليُّ قادِرًا على مواجهةِ ساحِرٍ في مستوى أعلى دونَ التراجُع.
“على الرُغمِ مِن أنَّ هذا يُساعِد، إلا أنَّني كنت أُركِزُ أكثرَ على صقلِ الجودةِ الشاملةِ لطاقتي السحرية”، أثناء قولِهِ لهذا، بدَدَ يوجين التعاويذ. وبدلًا مِنَ التَشَتُتِ في مُحيطِه، إجتاحتْ الطاقةُ السحريةُ على الفورِ جسدَ يوجين. مزجُهُ بينَ إستخدامِهِ للطاقةِ السحريةِ في تعاويذِهِ وصيغةِ اللهبِ الأبيضِ يتدفَقُ بسلاسةٍ مِثلَ الماء.
هيرا في نهايةِ المطافِ قالتْ: “…ويبدو أنَّكُ قد حَقَقتَ بعضَ النتائج.”
“نعم”، أجابَ يوجين بإبتسامة.
عندما هدأتْ قلبَها، الذي يَنبِضُ بسببِ المُفاجأة، حدقتْ هيرا في يوجين. نَضَحَتْ النيرانُ البيضاء النقيةُ التي إجتاحتْ جسدهُ بشعورٍ مِنَ التَرهيب مِنَ الصعبِ وصفُه. ومعَ ذلِك، لا يزالُ وجهُ يوجين يَحتَفِظُ بتعابيرِهِ الساذجةِ المُعتادةِ بسببِ مظهرِهِ الشاب.
‘مع وجهٍ كهذا، للإعتقادِ أنَّ لديهِ عضلاتٍ كهذِه….’، صفعتْ هيرا صَدرَها، الذي إستمرَ في الضربِ بعصيان، وبدأتْ في السُعال.
ثُمَ ذَكَرَتْهُ هيرا، “لـ-لا بأسَ طالما أنَّكَ لم تتأذى. لكِن، السير يوجين، من فضلِكَ لا تدفع جسدَكَ إلى حدودِهِ كثيرًا. لأنَّهُ إذا أصابَكَ ضررٌ، فأنتَ لستَ الوحيدَ الذي سيُعاني؛ حيثُ سيَتِمُ وضعُ كُلٍ مِن سيدِ البُرجِ والبُرجِ الأحمرِ في موقفٍ صعب.”
“نعم، سأكونُ حَذِرًا”، أومأ يوجين بإبتسامة.
لم تقُل هيرا تحذيرَها هذا بدافِعِ الإحترام، لأنَّ ما قالتهُ هو الحقيقةُ فقط.
—