لعنة التناسخ - 39.2 - المُرَبَع (1)
الفصل 39.2: المُرَبَع (1)
بعدَ أنْ غادرَ غيلياد، تنهدَ يوجين، “يبدو أنَّهُ حتى أشخاصٌ كالبطريرك يواجِهونَ المصاعِب.”
كما هو مُتوقع، لا يزالُ يوجين لا يُريدُ أنْ يُصبِحَ البطريرك. وبعد إعادةِ تأكيدِ هذهِ الرغبة، سارَ يوجين نحو قلبِ اليونيكورن. لا يوجدُ سببٌ يُجبِرُهُ على المُماطلةِ بلا جدوًى، لذلِكَ قرر إمتصاصَ قلبِ اليونيكورن هنا والآن.
هُناكَ عِدةُ طُرقٍ للقيامِ بذلِك.
سيقومُ هكذا بإمتصاصِ الطاقةِ السحريةِ فقط مِنَ القلبِ. هذهُ أفضلُ طريقةٍ للقيامِ بذلِكَ إذا إمتلَكَ المرء سيطرةً كامِلةً على الطاقةِ السحرية. صبَّ يوجين كُلَ تركيزِهِ وأمسكَ بقلبِ اليونيكورن.
فوووووو!
بدأ القلبُ يهتَزُ ويرتجِف. ثُمَ تمَ سحبُ الطاقةِ السحريةِ الموجودةِ بداخِلِهِ بالكامِلِ إلى جسدِ يوجين. لم يفقِد يوجين تركيزَهُ أثناء فحصِهِ لنقاء الطاقةِ السحرية.
‘جيد. ليسَ هُناكَ الكثيرُ مِنَ الشوائب.’
وصلتْ كميةٌ هائِلةٌ مِنَ الطاقةِ السحريةِ إلى الجوهرِ الخاصِ به. مِنَ الآنَ فصاعِدًا هي الخطوةُ الأكثرُ أهميةً. حيثُ عليهِ أن يجعلَ الجواهِرَ في داخِلِهِ تَمتَصُ هذهِ الطاقةَ السحريةَ مع إزالةِ الشوائب الزائدة. بدأ ثُلاثيُّ النجومِ حولَ قلبهِ بالتألُقِ بإشراقٍ بينما بدأوا العمل. بينما بدأ يوجين في توجيهِ الطاقةِ السحريةِ المُتدَفِقةِ بهدوء إلى جواهِرِه، بدأ يُفكِر.
‘على هذا النحو، يبدو أنَّني سأتمكَنُ مِنَ الوصولِ إلى النجمِ الرابِعِ قبَل أنْ أبلُغَ العشرينَ عامًا.’
لو سَمِعَ الأشخاصُ في المنزلِ الرئيسي هذا، فرُبما سيُغمى عليهِم مِن شِدةِ المُفاجأة. حيثُ أنَّهُ خِلالَ الثلاثمائةِ عامٍ مِن تاريخِ عشيرةِ لايونهارت، لم يتمكنْ ولا سلفٌ واحِدٌ مِنَ الوصولِ إلى النجمِ الرابِعِ قبلَ البلوغ.
‘رُغمَ أنَّني لا أستطيعُ التأكُدَ مِنَ أنَّ النجم سيَتَشَكلُ فقط لأنَّ كميةَ الطاقةِ السحريةِ تزداد.’
بعد أربعِ سنواتٍ مِن مُمارسةِ صيغةِ اللهبِ الأبيض، أدركَ يوجين شيئًا ما. لا تَعتَمِدُ الزيادةُ في الجواهِرِ فقط على كميةِ الطاقةِ السحريةِ التي يمتلِكُها ولكِن أيضًا على مدى عُمقِ فهمهِ لصيغةِ اللهبِ الأبيضِ ومدى مهارةِ المرءِ في تحريكِها عبرَ جسدِهِ بالكامل.
في هذا الصدد، يتمتعُ يوجين بميزةٍ ساحقةٍ على أسلافِهِ بسببِ حياتِهِ الماضية، مِن حيثِ تحسينِ عُمقِ فهمِهِ ومهارتِهِ في إستعمالِ الطاقةِ السحرية في جميع أنحاء جسدِه على حدٍ سواء. هذان شيئان يستَطيعُ يوجين حتمًا القيامَ بهُما.
‘البطريرك وجيون في النجمةِ السادسة. وقد وصلَ فيرموث إلى النجمِ العاشر.’
الوصولُ إلى النجمِ السادسِ وحدهُ يكفي ليتِمُ الإعترافُ بالمرء كواحدٍ مِن أقوى المُحاربينَ في القارة.
‘يبدو أنَّني سأضطرُ للبدء في خلطِ الأشياء قبلَ أنْ أصِلَ إلى النجمِ الخامِس.’
لم ينوِ يوجين أبدًا أن يتبِعَ المسارَ الذي وضعتهُ صيغةُ اللهبِ الأبيضِ بشكلٍ أعمى. فنظرًا لأنهُ قد تَعَلَمَ بالفعلِ الكثيرَ مِنَ الأشياء مِن حياتهِ السابقة، فقد قرر أنَّهُ قد يَمزِجُ الصيغةَ معَ كُلِ ما ورثهُ عن هامل.
‘لكِن، لا يزالُ الوقتُ مِبكِرًا جدًا لذلِك.’
الآن، هو في السابعةِ عشرةَ مِن عُمُرِهِ فقط، ولا حاجةَ للتَسَرُع. أثناء تفكيرِهِ في هذا، أبعَدَ يوجين يده عن قلبِ اليونيكورن. بعدَ أنْ تمَ إمتصاصُ كُلِ الطاقةِ السحريةِ مِنَ القلب، وتقلصَ إلى حجمِ الإصبع. ثُمَ تطايرَ غبارُ الطاقةِ السحرية، وتفكَكَ القلب.
ثُمَ أخرجَ القطعةَ مِن سيفِ المون لايت التي إحتفظ بها في سُترَتِهِ ووضعها على حافةِ النافِذة.
“…الآن أنا مُتأكِدٌ من ذلِك”، غمغمَ يوجين.
حيثُ إمتصتْ القُطعَةُ ضوء القمرِ الساطِعِ مِن خارجِ النافذة وبدأ ينبعِثُ مَنها ضوءٌ شاحِبٌ ناعِم.
أُعجِبَ يوجين بالضوء لبضعِ لحظات.
* * *
صاح جارجيث أثناء تسليمِهِ بطاقةَ يوجين إليهِ بنظرةٍ فخورةٍ على وجهِه: “لقد كلفا 300 مليون سالس”.
لم يتحمل يوجين عدم شتمِه، “يا إبنَ العاهِرة.”
“لقد رتبتُ لنا لإيداعِ الدُفعةِ مِن خلالِ بنكٍ عام. وإذا لم نقُم بالإيداعِ قبلَ ظُهرِ اليوم، سيَتِمُ نقلُ الحقِ في شرائِهِما إلى أعلى مُزايدٍ بعدي، لذلِكَ علينا الإسراع”.
“ألا يُمكِنُنا فقط أنْ نسمَحَ لهُ بالحصولِ عليهُما؟” سألَ يوجين.
“لا، لا يُمكِنُنا ذلِك. فَـبعدَ كُلِ شيء، كانَ عليَّ المُشاركةُ في حربِ مُزايدةٍ مُتفجِرةٍ فقط للفوزِ في النهايةِ بالعرض.”
“بِـكَم بدأ سِعرُهُ الأولي؟”
“50 مليونَ سالس.”
“50 مليون سالس مِن أجلِ خصيتي عملاق…ووصلَ السِعرُ إلى 300 مليون سالس؟ هُناكَ حقًا الكثيرُ مِنَ الأوغادِ المجانينِ في هذا العالم.”
“هذا لأنَّهُما قَيِّمانِ فقط”. قالَ جارجيث بإبتسامةٍ سعيدة: “لو رأيتَهُما شخصيًا، فمِنَ المُحتملِ أنْ تفهمَ ما أشعرُ به.”
سخر يوجين، “حتى لو رأيتُ خِصى العملاق شخصيًا، فبالتأكيدِ ستبدو مِثلَ الخِصى فقط.”
“لا، الأمرُ مُختلِف”، أصرَّ جارجيث. “إنَّهُ مُختلِفٌ تمامًا.”
“على أقلِ تقدير، أنا مُتأكِدٌ مِن أنَّها ستكونُ بالتأكيدِ كبيرةً للغاية. هل كانا مُشعِرَين؟” سأل َيوجين بفضولٍ مرير.
“لقد بدوا أنيقَينِ حقًا بعدَ أنْ تمَ تَزيينُهُما.”
“لا تقُل كَلِمةً أُخرى لأنَّني حقًا لا أُريدُ أنْ أتخيلَ كيفَ يبدوان. على كُلِ حال…كيف سَنقومُ بهذا الإيداع؟”
وصلَ يوجين وجارجيث إلى بنكِ البنتاغون العام، لإيداعِ تكلُفةِ الخِصيَتَينِ في الحسابِ السريِّ لدارِ المزاد. شعرَ يوجين بالإرتباك، حيثُ أنَّ هذهِ هي المرةُ الأولى لهُ في أحِد البنوكِ مُنذُ أنْ ولِدَ مِن جديد، ولم يعرِف أيَّ شيءٍ عن الإيداعِ في حسابِ شخصٍ آخر.
“هل هذهُ حقًا هي المرةُ الأولى لكَ في أحدِ البنوك؟” سألَ جارجيث.
تردَدَ يوجين في الإعترافِ بذلِك، “امم….”
“لا أستطيعُ أنْ أُصدِقَ ذلِك…”، تجمدَ جارجيث في حالةِ صدمة. “لقد سَمِعتُ أنَّ جيدول تقعُ في الريف، ولكِن، أليسَ لديهُم حتى بنوكٌ هُناك؟ هل شيءٌ كهذا مُمكِنٌ حقًا؟”
نظرَ جارجيث إلى يوجين بتعبيرٍ مصدومٍ بصِدق. لم يستطِع يوجين ببساطةٍ تَقبُلَ أنْ يُعامَلَ مِثلَ شخصٍ ريفي مِن قبلِ شخصٍ ذو شعرٍ أشعث، رائحةِ جسمٍ قوية، عضلاتٌ مُنتفِخة، وملابِسَ مُضحِكة، وفوقَ كُلِ هذا لقد إشترى للتوِ خِصيَتَي عملاقٍ مُقابِلَ 300 مليون سالس.
أصرَّ يوجين “جيدول فيها بنكٌ أيضًا”.
“ثم لماذا تَتَصَرَفُ وكأنَ هذهِ هي المرةُ الأولى لكَ في بنك؟”
“لأنه لم أملِك أبدًا سببًا لزيارتِه….”
“لذلك يتضِحُ الآن أنكَ فلاحٌ ريفي.”
“لا تتَفوه بمثلِ هذا الهراء. يُمكِنُكَ إمساكُ أيِّ شخصٍ مِنَ المارة وتسألَهُم من منا يبدو أكثرَ مِثلَ فلاحٍ ريفي، وسنرى ما يقولون.”
“مِنَ الخطأ الحُكمُ على الناسِ من خلال مظاهِرِهِم.”
“إبنُ الـ—”
على الرُغمِ مِن أنَّ يوجين أرادَ حقًا أنْ يشتِمَه، إلا أنَّ كلماتِ جارجيث هي صحيحةٌ إلى حدٍ ما….
في النهاية، جاء يوجين مع ردٍ جيد، “…إذن هل مِنَ الصحيحِ دعوةُ شخصٍ ما بفلاحٍ ريفيٍّ فقط لأنهُ لم يذهب إلى بنكٍ مِن قبل؟”
أوضحَ جارجيث: “تحتاجُ فقط للذهابِ إلى إحدى النوافذِ وإخبارِهِم أنَّكَ تُريدُ الإيداعَ في هذا الحِساب”.
“لماذا لا تُجيبُني؟”
“عادةً ما تحصلُ على رقمِ تذكرة، ولكِن، بما أنَّنا نَنقُلُ مِثلَ هذا المَبلَغِ الكبير وحتى أنَّ لدينا بِطاقةً سوداء، فلا ينبغي أنْ تكونَ هُناكَ حاجةٌ للإنتظار. إتبعني.”
“أجبني، أيها الوغدُ الخنزير.”
“أنا لستُ خنزيرًا.”
ثُمَ حتى وصلوا إلى البنك، رفضَ جارجيث الإجابةَ على سؤالِه. بالطبع، بمُجردِ إقترابِهِم مِن أحدِ موظفي البنك وعرضَهُم البطاقةَ السوداء، تمَ إصطحابُهُم على الفورِ إلى غُرفةٍ خاصةٍ لكبارِ الشخصيات.
“شكرا لك على زيارةِ مصرفِنا”، خرجَ رئيسُ البنكِ شخصيًا لقبولِ البطاقة أثناء حنيِّ رأسِه.
وقبل مرورِ فترةٍ طويلة، إنتهوا من إعدادِ الإيداع، وعادَ مُديرُ البنكِ مع البِطاقة.
وبدأ مديرُ البنكِ ببَيعِ خدَماتِه، “هل لديكَ أيُّ مصلحةٍ في فتحِ حسابٍ شخصيٍّ مُنفصِل؟ إذا قُمتَ بإنشاء واحِدٍ الآن—”
“لا حاجة”، أوقَفَهُ يوجين عندما أخذَ البِطاقةَ وخرجَ مِنَ البنك.
مُبتَسِمًا بسعادة، تَبِعَهُ جارجيث.
“دعنا نَتَوجَهُ إلى مكانِ إقامتي”، إقترحَ جارجيث.
“لماذا؟” سألَ يوجين.
“قالوا إنَّهُم سيُرسِلُنَهُما بمُجردِ إستلامِهِم للمال.”
“هل تقول لي أن نذهبَ كلينا إلى مكانِكَ فقط للحصولِ على نظرةٍ على تِلكَ الكُراتِ العملاقة؟ هل أنتَ مجنون؟”
“لو رأيتَها بنفسِك، فمِنَ المؤكدِ أنَّكَ ستُغيرُ رأيكَ بشأنِهِما. لقد قلتُ ذلِكَ مِن قبل، ولكِن إذا أرَدت، أستطيع أنْ أُعطيَّ لكَ قيمةَ جُرعةٍ واحدةٍ منها إذا أتيت.”
“قلتُ إنَّني لن أتناولَ أيًّ مِن هذا القرف.”
“أنا فقط لا أستطيعُ فِهمَك….”
“…الآن، دعنا نتوجهُ إلى مكانِك.”
“هل غيرتَ رأيك؟”
“بصرفِ النظرِ عن خِصيَتَي العِملاق، هُناكَ شيءٌ آخرُ أُريدُ رؤيتَه.”
على الرُغمِ مِن أنَّهُ لم يمتلِك أيَّ إهتمامٍ بتِلكَ الكُرات، إلا أنَّهُ مُهتمٌ بصيغةِ اللهبِ الأحمر التي وَرَثَها جارجيث. بينما قد ألقى بالفعلِ نظرةً على صيغةِ اللهبِ الأحمرِ التي إستعملَها جيرهارد، فَـبدلًا مِن تلكَ الصيغةِ غيرِ المُعدلةِ في الغالب، أرادَ أنْ يرى صيغةَ اللهبِ الأحمرِ التي تمَ تحسينُها من قبلِ عائلة جارجيث.
إعتقَدَ يوجين أنَّ نُسخَتَهُم رُبما تكونُ أفضلَ بكثير.
أراد أنْ يُقارِنَها بصيغةِ اللهبِ الأبيضِ لمعرفةِ أينَ تَكمُنُ الإختِلافات. وأثناء التفكيرِ في هذا، خرجَ يوجين مِنَ البنك.
وبينما هو يتجِهُ إلى أسفلِ الدرج، تجمدَ جسدُ يوجين فجأةً.
“…هاه؟” لهِثَ بصدمة.
في الساحةِ أسفلِ الضِفة، بين الحشودِ المُزدحِمة، رصدَ لمحةً عن شعرٍ أُرجواني.
—